الرئيسة \  واحة اللقاء  \  وسط خلافات تركية – روسية… أنقرة تعاود مطالبتها بمنطقة آمنة على حدودها مع سوريا 

وسط خلافات تركية – روسية… أنقرة تعاود مطالبتها بمنطقة آمنة على حدودها مع سوريا 

13.06.2021
هبة محمد


القدس العربي 
السبت 12/6/2021 
دمشق – "القدس العربي": مع اتساع هوة الخلافات التركية – الروسية، تتجه أنقرة إلى تخفيف منسوب التوتر مع الإدارة الأمريكية، واستيعاب الحالة عبر طرح جميع القضايا الخلافية للنقاش، وكان آخرها إعادة ملف المنطقة الآمنة إلى طاولة المباحثات من جديد، والذي يحمل في أحد جوانبه الرئيسية ضمان ملفات الأمن القومي التركي المتعلقة بجانب الحدود والمعابر والتنظيمات الإرهابية وإعادة تفعيل النشاط الاقتصادي، والرغبة في تحويل الشمال السوري إلى منطقة مستقرة بعد أن أخفقت جهود أنقرة السابقة في إقامة منطقة آمنة على حدودها مع سوريا، إذ تنظر تركيا إلى أنها المعني الأول والرئيسي في ضمان هذه المنطقة وتأمين المكاسب الأمنية فيها. 
وزير الدفاع التركي قال الجمعة، إن "الجيش التركي هو القوة الوحيدة الجاهزة والمؤهلة والمناسبة لإنشاء المنطقة الآمنة شمالي سوريا" وذلك خلال مكالمة هاتفية أجرها وزير الدفاع، خلوصي أكار، مع نظيره الأمريكي، لويد جيمس أوستن، أكّد فيها جاهزية تركيا لإقامة منطقة آمنة في شمالي سوريا. 
موسكو تنظر بعين الريبة والتوجس لمساعي أنقرة 
وقال أكار إن الجيش التركي هو القوة الوحيدة الجاهزة لإنشاء المنطقة الآمنة، مشدداً على أنّ "أنقرة" لن تسمح بوجود المنظمات الإرهابية بالقرب من حدودها. واتفق المسؤولان خلال الاتصال على إرسال وفد أمريكي إلى أنقرة الأسبوع المقبل لبحث إنشاء المنطقة آمنة في سوريا. 
المنطقة الآمنة، وفق المطالب التركية المتكررة، ورغم انخفاض فرص إقامتها، تمتد على نحو 440 كم وعمق 32 كم، على الحدود السورية – التركية، على أن تتولى أنقرة مهام الرقابة والإشراف والتنفيذ، المتعلقة بمصالح ومخاوف الأمن القومي. 
وحول مدى إمكانية توصل الإدارتين إلى اتفاق مشترك يقول الباحث لدى المركز العربي في واشنطن رضوان زيادة أن كل ذلك يعتمد على نتائج اللقاءين العامين بين الرئيسين الأمريكي والروسي من جهة وبين الرئيسين التركي والأمريكي من جهة أخرى. 
ومن المقرر أن يلتقي الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في جنيف الأسبوع المقبل، ووفقاً لصحيفة "واشنطن بوست" فإن سوريا ستكون على أجندة لقاء بايدن- بوتين الأسبوع المقبل، لاسيما ملف إدلب، حيث تحتضن المحافظة أكثر من 3 ملايين نازح، محاصرين فيها، بعدما هجرهم النظام السوري قسراً من بلداتهم من جميع المحافظات السورية، وباتوا مهددين بإغلاق آخر معبر للمساعدات الإنسانية وسط استهدافهم بشتى أنواع الأسلحة من قبل الحلف الروسي – السوري، جواً وبراً. 
وقال زيادة لـ"القدس العربي": من الواضح أن الهوة واسعة بين الأطراف الثلاثة فيما يتعلق برؤيتهم للحل في سوريا، حيث ما زالت موسكو تتمسك بالأسد، بينما تصر أنقرة وواشنطن على بدء الانتقال السياسي وفق القرار 2254" كما تحدث عن خلافات أمريكية – تركية بشأن قوات سوريا الديمقراطية (قسد). 
واستبعد الباحث من واشنطن احتمالية زيادة التصعيد في إدلب رغم الخلافات الأمريكية – التركية، حيث قال: "هناك خلافات تركية – أمريكية لا يمكن إغفالها فيما يتعلق بالموقف من قوات سوريا الديمقراطية لاسيما انها على الحدود التركية" وأضاف "لا أتوقع التصعيد في إدلب من قبل روسيا والنظام، سيما أن بايدن قرر إبقاء قواته في سوريا، وربما تتحرك لأي سبب له علاقة بحماية المدنيين في الشمال". وبينما تسعى أنقرة إلى استعادة التوازن مع الإدارة الأمريكية، تحاول روسيا التأثير على هذا المسار، بزيادة التصعيد، حيث تضغط على تركيا عبر ملف إدلب وهو ما يفسر استهداف المدنيين ضمن مناطق النفوذ التركي، وتجاوز التهدئة شمال غربي سوريا. 
الباحث السياسي لدى مركز عمران للدراسات الاستراتيجية أيمن الدسوقي قال إن موسكو تستخدم إدلب كغيرها من المناطق في الشمال التي تنتشر فيها نقاط وقوات للجيش التركي، كساحة لإيصال رسائل لأنقرة وللغرب أيضاً بما فيهم الولايات المتحدة الأمريكية. 
وأبدى لـ"القدس العربي" اعتقاده بأن موسكو تنظر بعين الريبة والتوجس لمساعي أنقرة في تخفيف منسوب التوتر مع الإدارة الأمريكية، عبر طرح القضايا الخلافية للنقاش، ومحاولة استكشاف مقاربات جديدة لمعالجتها، وأضاف "وفي هذا السياق يمكن وضع الزيارات واللقاءات المتبادلة بين مسؤولي الإدارتين سواء التي تمت أو تلك التي ستعقد لاحقاً. أيضاً تتخوف موسكو من مساعي هيئة تحرير الشام لتلميع صورتها على الصعيد الخارجي، وإمكانية الإقرار الغربي بها كفاعل محلي في إدلب بما يصعب مساعي موسكو في معالجة ملف إدلب". 
ووفقا لرؤية الخبير السياسي فإنه ليس بالسهولة معالجة القضايا الخلافية بين الإدارتين الأمريكية والتركية، في ظل تزايد هوة الخلاف بين الجانبين حيال كيفية مقاربة القضايا الإقليمية والداخلية. 
وحول جدوى إعادة طرح قضية المنطقة الآمنة قال الدسوقي "أعتقد أن إعادة طرح القضية هي محاولة من الجانب التركي للحصول على تنازلات أو دعم أمريكي متعدد الأبعاد، يساعد أنقرة في تثبيت موقفها الميداني والسياسي في مواجهة الضغوط والتهديدات التي تتعرض لها من جهات عدة أبرزها روسيا". معتبراً أنها تصب أيضًا كذلك في إطار توجيه رسائل للجانب الروسي، لناحية أن "لتركيا خيارات أخرى في حال مواصلة الضغط الميداني والسياسي عليها" وقال المتحدث "لذلك لا أعتقد أن فرص إقامة المنطقة الآمنة مرتفعة كما يطرح ويسوق له، ليكون البديل تثبيت الأمر الواقع دونما تغيرات جذرية عبر تفاهمات سياسية". 
وتعيد تركيا طرح المنطقة الآمنة من جديد لعدة أسباب، تحدث عنها لـ"القدس العربي" الباحث في المؤسسة السورية للدراسات وأبحاث الرأي العام رشيد حوراني، وهي أسباب إنسانية وسياسية يمكن ايجازها بتخفيف ضغط اللاجئين السوريين في اتجاه أراضيها، وبالتالي تخفيف ضغط المعارضة على الحزب الحاكم بحجتهم. 
وقال "المنطقة الآمنة ستكون بإنشاء وإشراف دولي، وتركيا باعتبارها دولة تشترك مع سوريا بأطول حدود، فهي تعول على أن يكون لها دور الريادة فيها، كما أنها ترى في هذه المنطقة الخارجة عن النظام والدولة الرسمية السورية، خطوة مرحلية للولوج بالحل الأشمل للمسألة السورية".